كعادتها في رمضان من كل عام، وكغيرها من المصلين، تكثف «م» نشاطها الديني في العشر الأواخر من الشهر الكريم، وتضبط سلوكها عند كل فعل يقربها من الله، مثل العبادات والتبرعات والأعمال الخيرية، وتتحرى أي فرصة للإحسان للآخرين طلباً للرحمة والمغفرة والعتق من النار.
وذات ليلة من الليالي العشر في رمضان الماضي، خرجت «م» من منزلها بعد أن وضبته عقب تناول الفطور مع الزوج والأبناء، قاصدة المسجد الكبير القريب من مسكنها في «الفريج» لأداء صلاة التراويح، وكعادتها تحرص على لبس الثياب والأحذية الجميلة، وحمل الحقائب اليدوية التي تشتريها من أفخم الماركات العالمية، ليس مباهاة أمام المصلِّيات، ولا كِبراً، ولكن لأنها تؤمن بأن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ودائماً تقول: «ليس هناك مكان أقدس وأشرف من بيوت الله للتزين والتطيب وقت زيارتها».
عطاء
وبالرغم من انشغال «م» بذكر الله والصلاة على النبي أثناء توجهها إلى المسجد برفقة زوجها بسيارته، فإنها لم تنسَ أن تذكّره بشراء «كرتونة» علب ماء مبرّد للمصلين ووضعها عند مدخل المسجد، فهذا السلوك الخيري ثابت في جدولهم اليومي في رمضان، بل عادةً ما تكون أولى الواصلات إلى المسجد لأداء صلاتي العشاء والتراويح، وتحديداً في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، وفي تلك الليلة، تصادف وصولها مع وصول امرأة شابة في العشرينيات من عمرها مع طفلها، لم يسبق أن شاهدتها من قبل، تبادلتا التحايا والابتسامات، وأخذت المرأة «المجهولة» تشكو لها حالها، لتستدر عطفها وشفقتها، بعد أن رأت «العزَّ والغنى عليها»، وقالت لها: إن ابنها الآخر مُقعد وبحاجة إلى عناية وأدوية وليس لديها المال الكافي، عندها اعتصر قلب «م» على هذه المرأة «المسكينة» التي لم ترَ من حياتها الشيء الجميل بعد، فلم تطل التفكير كثيراً في مساعدتها وانتشالها من بين مخالب الحياة، وأخرجت لها من حقيبتها اليدوية، التي كانت تضع فيها هاتفها ونقودها و«دهن العود»، ألف درهم حرّكت الطمع والجشع في نفسها، وقررت أن تقف وتصلي بجانبها في المسجد، ولكن ليس للتبرك بها أو الاستزادة في التعرف إليها، ولكن لسرقتها.
تبييت النية
وبعد توافد النساء إلى المسجد لصلاة العشاء والتراويح أخذ المكان بالازدحام، وكبّر الإمام لبدء الصلاة، ودخلت في روحانيات التعبد والخشوع، وبعد فراغها من صلاتها والتضرع إلى الله بالدعاء، التفتت يمنة فوجدت جارتها تستغفر جانبها، والتفتت يسرة تجاه المكان الذي وضعت فيه حقيبتها اليدوية، فلم تجدها، وكررت التفاتاتها بفزع وقلق حول مصيرها، ولكن لا أثر، ثم خرجت متحسرة على ثقتها بالمرأة المتسولة، بعدما اكتشفت أنها هي التي سرقت الحقيبة، ولما أرادت انتعال حذائها «الماركة» الذي وضعته على الرف العلوي لخزانة أحذية المصليات، لم تجده أيضاً، فركبت مع زوجها وعادت إلى المنزل حافية القدمين.
«م» ليست وحدها من وقع في فخ التسول، وغرق في دموع الكذب والخداع والاحتيال، واستخدم قلبه ونحّى عقله في التعاطي مع المتسولين الذين ينشطون في الشهر الكريم أكثر من بقية الشهور، فهناك الكثير من الضحايا الذين ربما خسروا أكثر مما خسرت «م».
تحذير
المشرِّع الإماراتي عدّ التسول «من الجرائم التي تشوّه الوجه الحضاري لكل مجتمع، وصورة من صور النصب والاحتيال على أفراد المجتمع، من خلال اتباع أساليب مخادعة لاستجداء عاطفة الجمهور»، كما أن هذه الظاهرة دخيلة على المجتمع الإماراتي، وتهدد أمن المجتمع وسلامة أفراده.
وذات ليلة من الليالي العشر في رمضان الماضي، خرجت «م» من منزلها بعد أن وضبته عقب تناول الفطور مع الزوج والأبناء، قاصدة المسجد الكبير القريب من مسكنها في «الفريج» لأداء صلاة التراويح، وكعادتها تحرص على لبس الثياب والأحذية الجميلة، وحمل الحقائب اليدوية التي تشتريها من أفخم الماركات العالمية، ليس مباهاة أمام المصلِّيات، ولا كِبراً، ولكن لأنها تؤمن بأن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ودائماً تقول: «ليس هناك مكان أقدس وأشرف من بيوت الله للتزين والتطيب وقت زيارتها».
عطاء
وبالرغم من انشغال «م» بذكر الله والصلاة على النبي أثناء توجهها إلى المسجد برفقة زوجها بسيارته، فإنها لم تنسَ أن تذكّره بشراء «كرتونة» علب ماء مبرّد للمصلين ووضعها عند مدخل المسجد، فهذا السلوك الخيري ثابت في جدولهم اليومي في رمضان، بل عادةً ما تكون أولى الواصلات إلى المسجد لأداء صلاتي العشاء والتراويح، وتحديداً في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، وفي تلك الليلة، تصادف وصولها مع وصول امرأة شابة في العشرينيات من عمرها مع طفلها، لم يسبق أن شاهدتها من قبل، تبادلتا التحايا والابتسامات، وأخذت المرأة «المجهولة» تشكو لها حالها، لتستدر عطفها وشفقتها، بعد أن رأت «العزَّ والغنى عليها»، وقالت لها: إن ابنها الآخر مُقعد وبحاجة إلى عناية وأدوية وليس لديها المال الكافي، عندها اعتصر قلب «م» على هذه المرأة «المسكينة» التي لم ترَ من حياتها الشيء الجميل بعد، فلم تطل التفكير كثيراً في مساعدتها وانتشالها من بين مخالب الحياة، وأخرجت لها من حقيبتها اليدوية، التي كانت تضع فيها هاتفها ونقودها و«دهن العود»، ألف درهم حرّكت الطمع والجشع في نفسها، وقررت أن تقف وتصلي بجانبها في المسجد، ولكن ليس للتبرك بها أو الاستزادة في التعرف إليها، ولكن لسرقتها.
تبييت النية
وبعد توافد النساء إلى المسجد لصلاة العشاء والتراويح أخذ المكان بالازدحام، وكبّر الإمام لبدء الصلاة، ودخلت في روحانيات التعبد والخشوع، وبعد فراغها من صلاتها والتضرع إلى الله بالدعاء، التفتت يمنة فوجدت جارتها تستغفر جانبها، والتفتت يسرة تجاه المكان الذي وضعت فيه حقيبتها اليدوية، فلم تجدها، وكررت التفاتاتها بفزع وقلق حول مصيرها، ولكن لا أثر، ثم خرجت متحسرة على ثقتها بالمرأة المتسولة، بعدما اكتشفت أنها هي التي سرقت الحقيبة، ولما أرادت انتعال حذائها «الماركة» الذي وضعته على الرف العلوي لخزانة أحذية المصليات، لم تجده أيضاً، فركبت مع زوجها وعادت إلى المنزل حافية القدمين.
«م» ليست وحدها من وقع في فخ التسول، وغرق في دموع الكذب والخداع والاحتيال، واستخدم قلبه ونحّى عقله في التعاطي مع المتسولين الذين ينشطون في الشهر الكريم أكثر من بقية الشهور، فهناك الكثير من الضحايا الذين ربما خسروا أكثر مما خسرت «م».
تحذير
المشرِّع الإماراتي عدّ التسول «من الجرائم التي تشوّه الوجه الحضاري لكل مجتمع، وصورة من صور النصب والاحتيال على أفراد المجتمع، من خلال اتباع أساليب مخادعة لاستجداء عاطفة الجمهور»، كما أن هذه الظاهرة دخيلة على المجتمع الإماراتي، وتهدد أمن المجتمع وسلامة أفراده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق